مقاطعة تازولت للتربية والتعليم
المقاربة بالكفايات Untitl18

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مقاطعة تازولت للتربية والتعليم
المقاربة بالكفايات Untitl18
مقاطعة تازولت للتربية والتعليم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» مابال الديار خاوية من اهلها
المقاربة بالكفايات I_icon_minitimeالسبت 22 فبراير 2020, 7:35 pm من طرف فراشة المنتدى

» للأعزة الكرام عام مبارك
المقاربة بالكفايات I_icon_minitimeالجمعة 04 يناير 2019, 12:28 pm من طرف ellabiba

» انواع البشر .... فاي نوع انت
المقاربة بالكفايات I_icon_minitimeالثلاثاء 01 يناير 2019, 10:52 am من طرف همة

» لله درك يا أبا العتاهية
المقاربة بالكفايات I_icon_minitimeالثلاثاء 01 يناير 2019, 10:47 am من طرف همة

» عرض حول مناهج الجيل الثاني
المقاربة بالكفايات I_icon_minitimeالجمعة 05 أكتوبر 2018, 12:19 pm من طرف همة

» حنيـــــن عميـــــق
المقاربة بالكفايات I_icon_minitimeالسبت 07 يوليو 2018, 9:58 pm من طرف saber-dz

» " #ذكاء_الإمام_الشافعي _رحمه الله
المقاربة بالكفايات I_icon_minitimeالثلاثاء 26 يونيو 2018, 3:40 pm من طرف كمال السنوسي

» قالت : إني وضعتها أنثى (قصة مؤثرة جداً )..
المقاربة بالكفايات I_icon_minitimeالثلاثاء 26 يونيو 2018, 3:21 pm من طرف كمال السنوسي

» راعي الابل والبحث عن الرزق
المقاربة بالكفايات I_icon_minitimeالثلاثاء 26 يونيو 2018, 3:16 pm من طرف كمال السنوسي

» قصة بن جدعان
المقاربة بالكفايات I_icon_minitimeالثلاثاء 26 يونيو 2018, 3:09 pm من طرف كمال السنوسي

» المعلمة المحبوبة
المقاربة بالكفايات I_icon_minitimeالثلاثاء 26 يونيو 2018, 3:05 pm من طرف كمال السنوسي

» صاحبة اعلى معدل وطني في البيام...ابنة مدينة الشمرة سارة بوشامة 19.76..
المقاربة بالكفايات I_icon_minitimeالإثنين 25 يونيو 2018, 4:16 pm من طرف كمال السنوسي

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
كمال السنوسي - 5193
المقاربة بالكفايات Vote_rcapالمقاربة بالكفايات Voting_barالمقاربة بالكفايات Vote_lcap 
فريد هدوش - 2735
المقاربة بالكفايات Vote_rcapالمقاربة بالكفايات Voting_barالمقاربة بالكفايات Vote_lcap 
نعمة الله - 2201
المقاربة بالكفايات Vote_rcapالمقاربة بالكفايات Voting_barالمقاربة بالكفايات Vote_lcap 
الأرض الطيبة - 1857
المقاربة بالكفايات Vote_rcapالمقاربة بالكفايات Voting_barالمقاربة بالكفايات Vote_lcap 
sara05 - 1754
المقاربة بالكفايات Vote_rcapالمقاربة بالكفايات Voting_barالمقاربة بالكفايات Vote_lcap 
tomtom - 1553
المقاربة بالكفايات Vote_rcapالمقاربة بالكفايات Voting_barالمقاربة بالكفايات Vote_lcap 
ellabib - 1528
المقاربة بالكفايات Vote_rcapالمقاربة بالكفايات Voting_barالمقاربة بالكفايات Vote_lcap 
عفاف الوفية - 1176
المقاربة بالكفايات Vote_rcapالمقاربة بالكفايات Voting_barالمقاربة بالكفايات Vote_lcap 
صفاء - 1087
المقاربة بالكفايات Vote_rcapالمقاربة بالكفايات Voting_barالمقاربة بالكفايات Vote_lcap 
khansa - 1068
المقاربة بالكفايات Vote_rcapالمقاربة بالكفايات Voting_barالمقاربة بالكفايات Vote_lcap 

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 22 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 22 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 129 بتاريخ الخميس 12 أبريل 2012, 8:21 pm
cwoste batna
cwoste-batna.dz

المقاربة بالكفايات

اذهب الى الأسفل

GMT + 3 Hours المقاربة بالكفايات

مُساهمة من طرف كمال السنوسي الأربعاء 17 فبراير 2010, 11:45 pm

المقاربة بالكفايات
مصوغة للتكوين المستمر
تــــــــوطــــــــــــئــــــــــة:
إن الحديث عن الكفايات لا بد له من مناولة في الإطار العام. والمقصود هنا بالإطار العام، هو استحضار مختلف الجوانب والحيثيات. وذلك حتى يخرج هذا المفهوم ـ وما يدور في فلكه من مفاهيم أخرى ـ من اعتباره مجرد ـ موضة ـ لدى كثير من المدرسين، إلى موقعته ضمن تحول عالمي، وانفلات جذري للمفهوم السابق للمدرسة. ليحل محلها مفهوم المقاولة.
ولا غرابة اليوم أن نرى ونلحظ التزامن اللامسبوق لعمليات الإصلاح التربوي هنا وهناك. وأصبحنا نعيش ـ ولو صورياـ نوعا من التوحد العالمي نحو إرساء مفاهيم وأسس جديدة للمدرسة/ المقاولة، وأصبحنا أمام سلعة معروضة، لها عارض وطالب ومنافس وسعر وجودة وربح وخسارة وزمن للإنتاج... ومن تم فمسألة الخوض في الإصلاحات الجارية، لا بد أن تملك هذا الترابط العالمي، وأن تتحسس أبعاده الاقتصادية بالدرجة الأولى وأن تعي تمام الوعي توجهاته الكبرى، والتي هي في مجملها اجتماعية.
يرى العديد من المهتمين والباحثين في المجال، أن التيار الليبرالي الجديد وما تضفيه العولمة على النسيج الجغرافي والاقتصادي العالمي، يشكلان حجر الزاوية في مسلسل الانخراط في الإصلاح. ولا يسمح لنا موضوعنا هذا بالانغماس في هذه الخلفيات والمرجعيات.بل إن هذه النظرة المبتسرة، بمثابة القبس الذي ينير خطى الباحث دونما شكليات...ولعل المتأمل ليرى بأم عينيه ظهور أشكال جديدة طفت على السطح واحتلت مكانتها، من قبيل الإقبال على التعليم الخصوصي ـ الذي يضاعف من "زبنائه"ومريديه ـ وإعادة هيكلة واختصاصات الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وإرساء نظام دراسي جامعي جديد ثم تعميق اللامركزية واللاتمركز في السلط وتعميق ثقافة المنافسة والجودة والزمن والجهد واعتماد الوسائل التكنولوجية في التعليم والتنافس في التأليف وإشراك الجماعات المحلية والجمعيات في التسيير والتمويل واعتماد المجزوءات الموحدة بين تخصصات مختلفة، وكلها آليات ومظاهر ما كانت لتأتي صدفة، بل هي نتيجة تحول عالمي شمولي، ونتيجة وجهة جديدة عابرة لكل الحدود الجغرافية.
من هذا المنطلق تصبح المؤسسة التعليمية أشبه ما تكون بالمقاولة، ويصبح التعليم كائنا عالميا مطالبا بالاستجابة لمتطلبات سوق الشغل. ولهذا أصبحنا أمام مشهد يجسده التعليم الثانوي التأهيلي في عدد الناجحين! وأصبحت هذه النخبة من المتأهلين، أوفر حظا لولوج هذه السوق وللتناغم مع متطلبات الشركات والمدارس والمعاهد الكبرى.
من هنا يبدو أن التعليم أصبح سوقا للتنافس، وسوقا مفتوحة على الآخر وعلى آلياته وشهاداته وجامعاته وممثليه ومشاريعه... ولم تعد قاعدة التوظيف تأخذ بالمعايير السابقة، بل أصبح التعاقد مظهرا جديدا يفرض نفسه.ويحقق كل هذا، خفض النفقات الموجهة للتعليم بمساعدة من القطاع الخاص. وإذا كان الفعل " أصبح" يفرض نفسه بقوة ضمن هذه التوطئة، فلأن وظيفة المؤسسة التعليمية تحولت بشكل كبير. وأصبحت المدرسة موجهة لخدمة الاقتصاد بالدرجة الأولى، مع إعطاء الأحقية للمتفوقين ودعمهم ورعايتهم لتأهيلهم للبحث والتسيير وبالتالي إدماجهم في سوق الشغل.
من هذا كله تبدو الحاجة ملحة لموقعة المقاربة بالكفايات ضمن هذا المسار الجديد ـ الذي شرع في تبنيه من طرف دول أوروبا تباعا في نهاية الثمانينات من القرن الماضي ـ وفي بلادنا مع بزوغ الميثاق الوطني للتربية والتكوين. وهو ما سنحاول الحديث عنه من خلال هذه الصفحات، راجين من الله تعالى التوفيق والسداد، وأن تكون هذه الوثيقة عونا للمدرسين الراغبين في تعميق ثقافتهم التربوية.
1ـ المفهوم والمفاهيم المجاورة:
أـ الكفاية:
ـ يعرف ابن منظور الكفاية بأنها مشتقة من " كفى يكفي كفاية إذا قام بالأمر، والكفؤ النظير لغة : الكفء،وقد يجوز أن يريدوا به الكفؤ ثم يسكنوا "[1]
ـ الكفاية هي استعداد لقوة القيام ببعض الأفعال Actes، مثل كفاية إدارة ما، والتي تمارس في حدود القانون[2]
والجدير بالذكر هنا، القول بأن مفهوم الكفاية لا يأخذ مفهوما واحدا بل إنه وكما وصفه LEBOTERF[3] مفهوم حربائي مما يدل على تنوع وتعدد دلالاته. ويرى ذات الكاتب في مرجع آخر، أن الكفاية هي معرفة حسن التصرف.
ـ في مجال التربية والتكوين يعرفها محمد الدريج على أساس أنها " قدرات مكتسبة تسمح بالسلوك والعمل في سياق معين، ويتكون محتواها من معارف ومهارات وقدرات واتجاهات مندمجة بشكل مركب. كما يقوم الفرد الذي اكتسبها بتوظيفها قصد مواجهة مشكلة ما وحلها في وضعية محددة."
ـ تعريف PERRENOUD: " الكفاية هي قدرة الشخص على تفعيل موارد معرفية مختلفة لمواجهة نوع محدد من الوضعيات"[4]

ب ـ القدرة والاستعداد:
يرتبط مفهوم القدرة لدى كثيرين بمفهوم الاستعداد للقيام بفعل معين. لكن الاختلاف يكمن في كون الأولى مكتسبة من المحيط الخارجي ومرتبطة بإمكانية النجاح في عمل أو مهارة أي قابلة للملاحظة، في الوقت الذي يكون فيه الثاني داخليا أي فطريا، كما يكون مرتبطا بالظروف التي يخضع لها الفرد. الاستعداد هو بمثابة قدرة في حالة كمون. وعند انتقال القدرة من حالة الكمون إلى حالة الظهور تسمى مهارة.
ـ المهارة قدرة إجرائية تبرهن على إتقان الفعل المعرفي.
ـ يعرف لسان العرب القدرة ويربطها ب" بالقدرـ بتسكين الدال ـ والقدرة، والمقدار: القوة والاقتدار على الشيء"[5]

بيداغوجيا، تعتبر القدرة بمثابة أهداف قريبة أو متوسطة المدى، تقترب في مستوى عموميتها من الأهداف الصنافية في المجالات الثلاثة : المجال المعرفي، والمجال الحس حركي، والمجال الوجداني.
" القدرة هي تنمية نوع معين من السلوك وبلورة مواقف فكرية ووجدانية معينة وهي مفهوم افتراضي غير قابل للملاحظة يدل على تنظيم داخلي لدى الفرد( التلميذ) ينمو عبر عملية التكوين. ومن خلال التفاعل بين العمليات العقلية وأساليب السلوك، الذي تخلقه الأنشطة التكوينية، انطلاقا من توظيف معارف ومضامين معينة"
نعرض،على سبيل التذكير، صنافة الأهداف العقلية لبلوم. والتي ترتكز على تنمية المعارف والمهارات العقلية. وقد وضعت على أساس متدرج، وهي تضم ستة مراق أو مقولات. مع العلم أن كل مقولة تنحل بدورها إلى رتب جزئية. نجملها في الجدول التالي :
المراقي الفعلالمسندللمتعلم طبيعةالمكوناتالتيينصبعليهاالفعل
اكتسابالمعرفة يتذكر. يميز. يسترجع . يتعرف. يكتسب مصطلحات.عبارات.رموز.أخبار.عناصرتعاريف .مراجع.أسماء.تواريخ.أمثلة...
الفهم يترجم.يحول.يصوغبكلماته.يوضحيمثل. ينظم. يشرح. يفسر. يغيرالصياغة
معاني.تعاريف. خصائص. علاقات. عناصر
أساسية.نظريات.تصورات

التطبيق يطبق.ينقلمنمستوىلآخر.يوسع. ينظم.يبوب مبادئ. قوانين.آفاق.خلاصات.عوامل. عمليات.ظواهر
التحليل يميز.يكشف.يستنبط.يحلل.يقارب فرضيات.عناصر.تعابير.خصوصيات. علاقةالأسباب بالنتائج.

التأليف والتركيب يقص.يحكي.يغير.ينشئ.ينتج.يشتقيطور.يصنف تصاميم.حلول.وسائل.ظواهر.علاقات. تعميمات
التقويم يحكم.يجمعالبراهين.يقارن .يقدر . يقنن.يقوم غايات.خيارات.نظريات.وسائل.تقنيات. تصميمات.
أساليبالتداول. تعميمات.
ـ إن اعتماد التدريس بالكفايات يمر عبر أجرأة الكفايات إلى مهارات وقدرات عليا. تترجم إلى أفعال قابلة للملاحظة والقياس، شريطة عدم الوقوع في البنية التجزيئية والمعقدة للأهداف الإجرائية المتبناة في بيداغوجيا الأهداف الصنافية.
وترتبط القدرات بسلوك محدد يطال مختلف جوانب الشخصية الثلاث ( أنظر المراقي أعلاه ـ كمثال عن المجال المعرفي ـ) ولهذا فإن البرامج التعليمية تضم مجموع القدرات المستهدفة، والتي ستصبح كفايات.
يتضح من هذا أن الكفاية تتطلب عملا ذا جدوى، وبالتالي يمكن الحديث عن وظيفتها العملية والتطبيقية.
" إن الكفاية غير منسجمة من حيث العناصر التي تتألف منها ولكنها منسجمة من حيث النتيجة المستهدفة"[7]
ـ الكفاية مقتبسة من " مجال التكوين المهني "
ج ـ المهارة:
" هدف من أهداف التعليم يشمل كفاءات المتعلمين وقدراتهم على أداء مهام معينة بكيفية دقيقة أو متناسقة أو ناجعة... ويترجم هذا الأداء درجة التحكم في أهداف مهارية …savoir- faire مثل مهارات القراءة ومهارات قرائية"[9] ويدخل الإنجاز والسلوك بدورهما في فلك المفاهيم المجاورة للكفاية.

2ـ نسقية الكفايات:
إن الكفاية لدى كثيرين مفهوم متسم بالليونة. وهي بالتالي كل مندمج ووظيفي للمعارف والمهارات، ومعرفة جيدة للتصرف أمام مجموعة من الوضعيات. إنها تميل إلى حل المشكلات والتكيف مع أية وضعية جديدة أو معقدة. ثم إنجاز وتحقيق مختلف المشاريع. إنها بالتالي تلغي تلقين المعارف وتحصرها في جانب واحد وهو المدرس. بل إنها تكتسب بجعل المتعلم في قلب الاهتمام، وتمكينه من استغلال فاعليته في مختلف الوضعيات الملموسة.
وتأتي مرجعية الكفاية، المقتبسة من المجال الاقتصادي، لتمد المتعلم بآليات لمواجهة كل طارئ خارج أسوار المدرسة. وتسعى لتأهيله لمجابهة الغد بمختلف تحدياته.
المقاربة بالكفاية تسعى إلى الإجابة عن جدوى عقلنة التعليم وقدرته، ومدى نجاعة المدرسة في مواءمة وضعيات الحياة في العمل وخارجه. ويمر هذا عبر حاجات سوق الشغل. ومن هنا يتحول التركيز على المعارف إلى التركيز على المهارات، أو لنقل بتحفظ بأقل قدر من المعارف. نحن الآن هنا أمام مطالبة المتعلم بحضور قوي وملموس فيزيائيا وذهنيا وعاطفيا. وهو ما ينبغي توفره فعلا في مجال المؤسسات التعليمية العمومية وبخاصة القروية منها.
من زاوية أخرى، تكون المضامين التعليمية مطالبة بمراعاة قيم المجتمع الدينية والوطنية والخلقية. فالمنهاج مطالب بإلغاء غرابة المتعلم داخل المجال المدرسي. وأن يتفادى الصراعات الضيقة, وينصب في اتجاه خدمة هوية دينية ووطنية صلبة وحقيقية، لا تركن إلى الماضي ركون الجامدين، ولا تنزع إلى الآخر نزوع السلبي والمتلقي. المطلوب إذن، هو أن يكون الخطاب الموجه للمتعلم خطابا تربويا بيداغوجيا إجرائيا, يحمل هوية وقيم المجتمع ومكوناته المادية والبشرية وتطلعاته وإمكاناته الحقيقية.
" لقد أصبحت الأفكار هي القوى التي تدفع الإنسان إلى أن يتخيل صورا لحالة أفضل من التي يعيشها. وعلى أساس هذه الأفكار يستطيع أن يرسم ويخطط لهذه الحياة الأفضل حتى يكون الرسم والتخطيط صالحين للعمل. وبذلك أصبحت المثل العليا التي يدين بها الإنسان في الوقت الحاضر طرقا ومناهج ترتبط بعالمه الذي يعيش فيه لترتفع به وتحسن منه، بعد أن كانت هذه المثل العليا أهدافا وغايات منفصلة منعزلة" [10]
ويتزامن الحديث عن الكفايات مع الحديث عن الجودة ومقاييسها. بل يمتد الأمر لأن تصبح للجودة وكالات ومكاتب مختصة، لتنزح من المجال التقني والتكنولوجي ومن التكوين المهني لتحط رحالها بالميدان التربوي راجية تحسين النتائج باستمرار، وساعية لنجاعة أكثر. ويترتب عن هذا كله تنافسية تلغي حدود البلدان بين المؤسسات التعليمية والجامعات ومؤسسات التكوين عموما. وفي نفس الصدد يمكن الحديث عن تقويم المردودية ووضع مؤشرات تساعد على اتخاذ القرار. وهذه المؤشرات ترتبط بإنتاجية أنظمة التكوين وبنجاعتها في تحقيق أهدافه الداخلية والخارجية من جهة. وبتكاليف التكوين وفعاليته وكلفته من جهة أخرى. إن هذه النظرة للتعليم تنشطر إلى عدة رؤى تأخذ أشكالا مختلفة من التحليل. فالبعض يرى في التعليم مقاولة، والبعض يراه قطاعا غير منتج، في حين يكون نوع ثالث بصدد الحديث عن فصل المؤشرات إلى صغرى تهم الممارسة بالمدرسة والمقاولة. وكبرى وطنية ودولية...
وإذا كان نظام التكوين عموما يهدف إلى تنمية كفايات أساسية لدى المتعلم، فإن مختلف هذه الأنشطة تشمل الأبعاد الثلاثة المشار إليها سابقا: المجال المعرفي والمجال الحس حركي والمجال الوجداني العاطفي. والمطلوب أن تنصهر بعضها داخل بعض حتى يتحقق التوازن المرجو.
نرجو مما سبق ذكره أن يستنتج أن الكفاية مفهوم متشعب. وأنه من الصعب الاتفاق حول تعريف دقيق ومحدد له. إلا أنه يمكن الحديث عن خصائص مشتركة للكفاية، من قبيل القدرة على دمج المعارف والمهارات المختلفة وتنظيمها وتحويلها في سياق محدد إلى عناصر توظف لحل المشاكل وإنجاز المشاريع والأنشطة. وهي بالتالي عملية متميزة بالتجديد والحركية ومطالبة بالتطور ومسايرة الظروف المتغيرة. ويظهر في هذا الإطار، الجانب الوظيفي والإبداعي للكفاية من خلال الإنجازات والسلوكات والمؤشرات التي تدل على تحققها. إنها بهذا كله نسق يمكن من التصرف الجيد في الوقت والمكان والوضعيات المختلفة.
أ ـ أنواع الكفايات:
إذا كانت الكفايات هي ترجمة لقيم وغايات المجتمع, فإنها تستمد مقوماتها من المشروع المجتمعي, ومن أبعاده الإستراتيجية و التواصلية والسياسية والثقافية والاجتماعية والعلمية... وعلى سبيل المثال " يتم في التعليم الابتدائي التركيز، وبالترتيب، على الكفايات التواصلية والكفايات الإستراتيجية والكفايات المنهجية، والكفايات الثقافية أكثر من التركيز على الكفايات التكنولوجية... والتمكن على مستوى الكفايات الثقافية من رصيد معرفي وثقافي يمكن المتعلم من الاندماج في بيئته..."[11]
وبهذا تهتم الكفاية الإستراتيجية بتنمية الذات والمواقف الفردية، وتكوين الشخصية، وتعديل منهجية العمل ونتائجه في التنمية. أما الكفايات التواصلية فتهتم بتنمية التواصل والتمكن من اللغات واستعمالها. ونشير عموما إلى أن الكفايات اللغوية تهدف إلى التحكم في اللغة، من خلال الاستعمال الصحيح للقواعد اللغوية. أما الكفايات التواصلية فهي التوظيف السليم للغة في وضعيات تواصلية.
أما الكفايات الثقافية، فتشمل الهوية الدينية والوطنية والإنسانية والتاريخية. والمساهمة في تطويرها من خلال الإدراك للدور الممكن في المجال الإبداعي والفني. وتأتي الكفايات التكنولوجية، للتحسيس بدور العلم والتكنولوجيات في المجتمع، واكتساب مختلف المفاهيم والمهارات العلمية والتكنولوجية وتوظيفها.

ومن جانب آخر، نشير إلى الكفايات الدنيا، أي الدرجة السفلى من المعارف والمهارات الخاصة بفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة كالمعاقين حركيا أو حسيا والمتخلفين ذهنيا. وهذا مطمح لازال لم يجد بعد معالمه الواضحة والنهائية. والسبب في ذلك كون المدرسة الحالية لا تستطيع بآلياتها وتكوين أطرها، إدماج مختلف الشرائح الاجتماعية ضمن مشروعها.
في الضفة الأخرى، نتحدث عن كفايات قصوى تهم تعليم الموهوبين والعباقرة. وتتيح بالتالي مجالا للحديث عن التميز والجودة. والملاحظ في مجال مدرستنا المغربية أنها تضم المتخلفين والعباقرة والمتوسطين داخل نفس الحجرة وبنفس الوسائل والتعامل أحيانا. وإذا كان الميثاق الوطني للتربية والتكوين قد أشار إلى فئة المتخلفين في الدعامة الرابعة عشر، وإلى تحفيز المتفوقين وتمييزهم وإمكانية تخطي القسم واختصار سنوات الدراسية. فإن الأجرأة الكاملة للميثاق قد يكون من شأنها مراعاة كثير من الثغرات.
وإذا ما انتقلنا إلى المجال الدراسي فتنشطر الكفايات إلى نوعية (عمودية) خاصة بمادة دراسية أو بمجال تربوي معين كالرياضيات مثلا. وإلى ممتدة أو مستعرضة ( أفقية) تنسحب على موارد معرفية ومهارية مشتركة كالقدرة على الإبداع أو التحليل أو النقد ...
ب ـ نسق الكفاية:
تعتبر الكفاية بمثابة نظام دينامي يشمل عناصر مترابطة في شكل بنية مفتوحة. إذا تغير أحد عناصره، استلزم ذلك تكيفا وملاءمة جديدة لعناصر هذا النسق. في هذا الإطار نتحدث عن ثلاثة مستويات:
1ـ المدخلات: وتتمظهر من خلال مختلف الوضعيات المرتبطة بمحيط المتعلم، و المؤثرة على السيرورة التعليمية التعلمية في ارتباط بالأهداف المتوخاة.
ـــ " الوضعية هي مجموعة من الظروف التي يوجد فيها الفرد، وتفرض عليه إقامة علاقات محددة ومضبوطة، مجردة وملموسة مع الجماعة والبيئة التي يعيش فيها. "[12]
ـــ الوضعيات التعليمية: وهي كل "مشكلة تمثل تحديا بالنسبة للمتعلم وتمكنه من الدخول في سيرورة تعليمية نشيطة وبناءة واستقبال معلومات وإيجاد قواعد للحل منتظمة ومعقولة تسمو بالمتعلم إلى مستوى معرفي أفضل "[13]
ـــ الوضعية المسألة: وهي تشير عموما إلى مختلف المعلومات والمعارف، التي يتعين الربط بينها لحل مشكلة أو وضعية جديدة، أو للقيام بمهمة في إطار محدد. وهي بالتالي، تمتاز بإدماج المعارف وقابليتها للحل بطرق مختلفة من قبل المتعلم. وليست بالضرورة وضعية تعليمية. كما أنها مرتبطة بالمستوى الدراسي وبالسياق الذي وردت فيه وبالأنشطة المرجوة والموظفة. ثم بالمعينات الديداكتيكية وبتوجيهات العمل المعلنة منها والضمنية.
2ـ السيرورة: وهي في عمومها مختلف العمليات والوظائف التي يقوم بها المتعلم، لتفعيل مكتسباته وإمكاناته الشخصية وتصحيح تمثلاته، من أجل بناء معارف جديدة ودمجها في المعارف السابقة وبالتالي اتخاذ القرار وتحديد الإنجاز الملائم.
3ـ المخرجات:وتتمظهر من خلال مختلف الإنجازات الصادرة عن المتعلم. وتكون بمثابة مؤشرات ملاحظة وقابلة للقياس وتتيح بذلك إمكانية تقويم الكفاية ومدى اكتسابها:
ــ الإنجاز: وهو" ما يتمكن الفرد من تحقيقه آنيا من سلوك محدد، وما يستطيع الملاحظ الخارجي أن يسجله بأعلى درجة من الوضوح والدقة، وهو مفهوم مختلف عن القدرة التي تشير إلى إمكانات الفرد المتعددة في مقابل الإنجاز الذي يشير إلى ما يحقق آنيا. والمؤشر الأساسي على الإنجاز هو السلوك أي سلسلة من الأفعال والأنشطة والعمليات..."[14]
ــ المؤشر: " المؤشر الذي هو نتيجة لتحليل الكفاية أو مرحلة من مراحل اكتسابها، سلوك قابل للملاحظة يمكن من خلاله التعرف عليها، وبالتالي يسمح بتقويم مدى التقدم في اكتسابها إنه علامة محتملة لحصول التفاعل بين تنمية القدرات وبين المعارف وبذلك يشكل نقطة التقاطع بين القدرات والمضامين المعرفية"[15]
لا نريد أن يفهم من هذا التفصيل المنهجي أن الكفاية مجموعة من المراحل المتقطعة والمنعزلة. بل هي نسق شمولي يستجيب للأنشطة المراد إنجازها. ويراعي شخصية المتعلم واستعداداته ومحيطه وطبيعة الوضعيات والمشكلات والمشاريع المختلفة.
ومن جهة أخرى، كان لزاما علينا أن نوفر للمتعلم وسطا ملائما يمكنه من الفعالية في مواجهة هذه الوضعيات الجديدة. نقول إذن أن التعليم بالكفايات، هو تعليم متمركز حول المتعلم. وتتحول بذلك وظيفة المدرس من مالك وحيد للمعرفة إلى متدخل نوعي ودقيق يستجيب لحاجات المتعلمين. وكان لزاما عليه أن يمتلك بدوره كفايات مهنية واستراتيجية، من قبيل معرفة متعلميه معرفة جيدة وإلمامه النظري والتطبيقي بمهنته وآلياتها النفسية والبيداغوجية. ولعل هذا التحول الذي طال وظيفة المدرسة، قد حول وظيفة مكونات المدرسة نفسها. وأصبحت أطراف الفعل التعليمي التعلمي أقرب ما تكون إلى التشارك.
ج ـ تيار الكفايات:
نلخص في الجدول أسفله تحول المسار البيداغوجي من التركيز على المحتويات، مرورا بالأهداف ( الجيل الأول) ووصولا إلى الكفايات ( التي يرى فيها البعض أنها بمثابة الجيل الثاني للأهداف) وتكون بمثابة حركة تصحيحية، انبثقت عن نموذج التدريس الهادف:
بــيـــداغــوجــيــا الـمـحـتـويـات بـيـداغـوجـيــا الأهداف ـ الجيل الأول ـ بـيـــداغــوجـيــا الـكفـايات ـ الجيل الثاني ـ
ـ نقل المعرفة من المعلم إلى
المتعلم.
ـ اعتماد تام على المقرر.
ـ اعتماد الحفظ والتكرار وإعادة
الإنتاج كمعيار للتقويم.
ـ عزل المدرسة عن المحيط.
ـ المناهج متنافرة.
ـ تعليم الكم.
ـ تكتسب الأهداف عن طريق
التجربة والممارسة (عملية).
ـ تستشف من سياق النصوص
والمعارف ( نظرية).



ـ أهداف سلوكية قريبة المدى.
ـ تعتمد ثلاثة مبادئ: العقلنة والفعالية و المردودية.
ـ تأثرت بنتائج الدراسات السيكولوجية ( نظريات التعلم السلوكية)
ـ المثير والاستجابة: المثير صادر عن المحيط الخارجي، أما الاستجابة فصادرة عن المتعلم.
ـ قابلة للملاحظة والقياس.
ـ مستوياتها: الغايات ـ المرامي ـ الأهداف العامةـ الأهداف الخاصةـ الأهداف الإجرائية.
ـ التيار المحافظ:
ـ وجوب ترجمة مضامين التعليم كلها إلى مجموعة من السلوكات القابلة للتحقق عند المتعلم (مقياس الإنجاز السلوكي).
ـ وجهت لها عدة انتقادات: التذريةـ الآليةـ السطحيةـ قرب المدى.
ـ هي بيداغوجيا وظيفية.
ـ السعي وراء تكيف المتعلم مع المحيط.
ـ عقلنة السيرورة التعلمية/التكوينية.
ـ التركيز على تأهيل شخصية المتعلم.
ـ المناهج متضافرة.
ـ اعتماد الطرق النشيطة في التكوين( حل المشكلات ـ العمل في مجموعات).
ـ مسؤولية جماعية.
ـ اعتماد النمو المتكامل للشخصية كمعيار عام للتقويم.
ـ تعليم الجودة.
ـ بيداغوجيا الكفايات هي نموذج الهدف المظهر. إنها بيداغوجيا أهداف تؤطر التدريس الهادف.
ـ أهداف بعيدة المدى.
ـ التيار المجدد*:
ـ يعتمد مقياس القدرة.
ـ السلوك ليس موضوعا وحيدا لفعل التعلم/التكون.
ـ السعي إلى إبراز أهمية البعد الكيفي.
ـ ليست الأهداف الإجرائية وحدها الحاسمة في عملية التقويم الموضوعي، بل هناك الأهداف السيرورية المعروفة بالأهداف الصنافية.
ـ الصنافة عابرة من العلوم الطبيعية.
ـ ينصب الاهتمام على سيرورة التعلم لدى المتعلم وليس على المحتوى الدراسي.
ـ ينصب دور المدرس على البحث عن أنسب وضعيات التعلم.
ـ التعليم والتكوين يجب أن يطال مجالات الشخصية الثلاثة: المعرفي والوجداني أو حسن التصرف ثم الحس حركي:
ـ المجال المعرفي: صنافة بلوم.
ـ المجال الوجداني: صنافة كراثهول.
ـ المجال الحس حركي: صنافة هارو.
ـ الأهداف تربى أي تقود مجموعة من وضعية أولية إلى وضعية نهائية.
ـ على المتعلم أن يكون على علم مسبق بها
ـ جلاء الشخصية الموسوعية.
ـ كل كفاية هدف، وليس كل هدف كفاية.
ـ الهدف أعم من الكفاية.

ـ *: هذا التيار المجدد، اعتبر بمثابة النطفة التي أفرزت تيار الكفايات. إذ بدأت فـــكـــرة الــتـغـــيـيــر بين 1975 و 1980 من خلال أعمال بارطولوتشي في مجال التعلم بالمشكلة. ثم بوردي من خلال مشروع المؤسسة، و بيير جيلي في مجال إعداد تصميم للتكوين. إضافة إلى كانيي، واضع الفرضية المركزية للقدرات الذي اعتبرها حالات ثابتة يؤسسها التعلم في المتعلم، وقد وضعها على أسس سيكوبيداغوجية، أبرز سماتها التكامل والاندماج. كما ميز فيها كانيي بين الإنجاز والقدرة، التي فصلها إلى خمسة أقسام.
في إطار الكفايات، يساعد تحديد الهدف على انتقاء الاستراتيجيات والأدوات الكفيلة بتحقيقه. وبهذا يكون التقويم الصحيح مرهونا بالهدف الصحيح. ويتعامل بلغة الكفايات لا بلغة السلوكات المفتتة.
يربط كثير من الباحثين الكفاية بالذكاء، ويرون أن الحديث عن الكفايات هو حديث عن الذكاء عموما. " إذ أن الذكاء أصبح يشتمل على العوامل الرئيسية التي تعمل على إحداث التجديد أي على حل الموقف المشكل من أفعال تحليلية ترد الموقف الكلي لتحديد صفات المعطيات التي تحدد طبيعة المشكلة، وتكوين أفكار أو فروض لتوجيه عمليات أخرى تكشف عن مادة جديدة، واستنباطات وحسابات تنظم المادة القديمة والجديدة معا... وهذا هو منهج البحث العلمي الذي يتخذ الذكاء وسيلة ومنهاجا. وأصبح بذلك العمل الذي نقوم به عملا بصيرا بعد أن كان من قبل عملا لا موجه له، وأصبح الذكاء صفة لبعض الأعمال وهي التي نوجهها. وبذلك انتقلنا بالعقل النظري إلى العقل العملي أو الذكاء."[16]
3ـ تدبير الكفايات:
أ ـ تدبير التعلمات:
الكفايات هي قطب الرحى الذي تدور حوله باقي عناصر النسق. وإذا كانت في أصلها اللاتيني، تعني الاتجاه والذهاب نحو التلاؤم والتوافق مع شيء ما، فإنها كذلك في مجال التربية والتعليم تحيل إلى مفهوم التدبير الجيد والاستعمال الأمثل للموارد والإمكانات لتحقيق المهام المطروحة وهذا ما يحيل إلى تدبير التعلمات. ويوظف مفهوم التدبير" كذلك في سياق البيداغوجيا المفتوحة في إطار ما يقوم به التلاميذ لتدبير نشاطهم الذاتي من مناقشة وتخطيط وتقويم. وينبني التدبـيــر الـبــيداغــوجي على خمس عمليات أساسية ينجزها التلاميذ: 1ـ تحديد الحاجات.2 ـ تحديد أهداف الأنشطة.3 ـ تنظيم العمل وإعداد الأدوات.4 ـ تنفيذ العمليات والأنشطة. 5 ـ تقويم النتائج وسير العمليات وتصحيح الثغرات. "[17]
في قراءة للميثاق الوطني للتربية والتكوين، يتجلى الحديث عن تحسين التدبير العام لنظام التربية والتكوين وتقويمه المستمر ـ المجال الخامس: التسيير والتدبير. الدعامة 16.ـ ثم الحديث من خلال المجال الثالث، الخاص بالرفع من جودة التربية والتكوين، عن تدبير الجهد والوقت في إطار استعمالات الزمن والإيقاعات المدرسية والبيداغوجية.
ب ـ تدبير الجهد:
"الجهد هو تسخير القوى الفيزيائية والفكرية للتغلب على مقاومة ما، وتخطي صعوبة من أجل بلوغ هدف"[18]
لن يتأتى للمتعلم أن يسخر هذه القوى إلا إذا كانت له رغبة في التعلم. وتعتبر الرغبة بمثابة الوقود الذي يحفز الاستعدادات ويقويها. وكل تعلم مفروض لا يشارك فيه المتعلم، سيقوض مبادراته الشخصية وسيؤدي إلى النفور والملل. لهذا يرى البعض أن على المدرسين أن يساعدوا متعلميهم على معرفة أهداف الدرس بغية تركيز الجهد وتوجيهه، وتوزيعه وتنظيمه حتى يستثمر ولا يقوم المتعلم بجهد دون جدوى ولا فائدة. وهذا هو مسعى ذاتية التعلم، والاعتماد على النفس قبل الاعتماد على المدرس أو الزملاء. ومن شأن هذه الاستقلالية أن تعد المتعلم إعدادا نفسيا ومنهجيا وتقنيا سليما. بإدراكه أنه طرف من أطراف التعاقد الديداكتيكي. له دوره وفاعليته وزمن تعلمه ومسؤوليته داخل جماعة الفصل. ويتحول بذلك جهد المدرس كذلك، بوضع ممارساته موضع تقويم مستمر يلزمه استحضار فكرة الآخر عنه. كل ذلك سيساعده على التوظيف الأمثل للوضعيات والمفاهيم والمهارات. وفي جميع الحالات، فإن التنظيم يساعد بشكل ملموس في اختزال الجهد الزائد الذي لا يؤدي أي غرض ملموس، بقدر ما يتسبب في الإرهاق والتعب
ج ـ تدبير الزمان والمكان:
يحتاج كل عمل لمكان وزمان يؤطرانه ويحتضنانه. وفي الإطار المدرسي يتجسد المكان من خلال المحيط المدرسي، وأحيانا خارجه. والزمان في الوقت المحدد للدراسة. وينشطر الزمن إلى فعلي وهو المحدد مسبقا من طرف السلطة المختصة( الوزارة، الأكاديمية، النيابة، الإدارة...) أو المدرس، وهو خارج عن المـتعـلم. و يحتاج المتعلم بدوره إلى زمن ضروري لتعلمه غالبا ما يكون مخالفا للزمن الفعلي. وتقتضي المقاربة الأفيد، خلق توافق بين الزمنين الفعلي والضروري. وبذلك يتحقق التدبير الجيد للزمان. أما المكان، فيجب استغلال مكوناته استغلالا جيدا يتيح للمتعلم الحصول على تعلم جيد.
تخضع العملية التربوية إلى تعاقب بين الدراسة والعطل وهو ما يشار إليه بالإيقاع المدرسي. ويشكل الإيقاع" ثنائية اللحظات: لحظات ارتفاع/ قوة ولحظات انخفاض/ ارتخاء "[19] . العملية إذن هي عملية تنفس مدرسي" فالشهيق يحيل على لحظات النشاط والتعلم، والزفير على الاستراحة والاسترخاء. "[20]
وتؤدي مختلف الاختلالات في الإيقاع إلى خلق التعب والإجهاد الذي تحدثنا عنه سابقا. والذي يشير إليه استعمال الزمن ـ ولو ضمنيا ـ بتخصيص فترات للاستراحة، إما داخل أسوار المدرسة أو خارجها. ونشير عموما إلى تأثير التنقل من وإلى المدرسة، إضافة إلى النوم، على مسايرة المتعلم لمختلف الأنشطة. ويظهر من هذا نوع العلاقة بين الأسرة والمدرسة والمجتمع. حيث تنفلت الإيقاعات المدرسية لتؤثر في المجتمع بأكمله من خلال فترات الدراسة والعطل.
دـ اكتساب الكفايات:
يقترح فيتس و بوسنر[21] نموذجا يقترحان من خلاله أربع مراحل أساسية لاكتساب الكفاية:
ـ 1ـ الصراع المعرفي: تتميز تجابه التمثلات القبلية للمتعلم مع الوضعيات المقترحة. ويؤدي هذا الوضع إلى حالة من اختلال التوازن نتيجة عدم التحكم في الوضعية.
ـ 2ـ المرحلة المعرفية: وهي مرحلة محاولة فهم الإشكالية.
ـ 3ـ المرحلة الترابطية: يتم فيها تنظيم المعلومات ومعالجتها وأجرأتها.
ـ 4ـ مرحلة الاستقلالية: تتمظهر من خلال إنجازات المتعلمين. وبتفاوت طبعا.
4ـ الجودة:
نزحت الجودة من المجال الاقتصادي إلى المجال التربوي. وأدى نزوحها هذا إلى بزوغ فكرة مناوئة لها. تتلخص في اعتبارها مسألة تجعل تبضيع التعليم في الواجهة. وأنها تجعل المعرفة سلعة مفتوحة على سوق التنافس، يكون الجيد فيها أوفر حظا للإقبال على منتوجه!
تأتي الجودة لغويا نقيضا للرداءة واصطلاحا قدرتها على استجابة العارض( المدرسة) لحاجات الطالب (المتعلم) المعبر عنها أو المحتملة والمحددة في الزمان والمكان. وبرغم هذين التعريفين المبسطين، فإن تعريف الجودة تعريفا دقيقا يبقى أملا مرجوا . ودون الخوض المعمق في مسألة الجودة، نشير ببساطة إلى ارتباطها بالتجديد ورفض التقوقع والسكون.
في قراءة إحصائية للميثاق الوطني للتربية والتكوين، ينجلي إفراد المجال الثالث كاملا للحديث عن الجودة. وأنها إلى جانب التجديد احتلا من الذكر نصيبا وافرا في عدة مواضع.
وحتى لا يمس التغيير الجانب الشكلي فقط. ولتفادي استمرار الممارسات القديمة تحت غطاء مسميات جديدة، يتم السعي إلى تبني الجودة وتدقيقها كخيار استراتيجي. وإلى تقديم ـ منتوج ـ مدرسي جيد. يعزز صورتها داخل المجتمع. لقد أصبح ينظر للجودة على أنها ضرورة تنموية، وحتى ولم تؤد إلى التفوق، فهي تسعى إلى احترام مواصفات يلتقي عندها الطرفان: المنتج والمستهلك. وتعتبر الجودة في هذا النطاق بذرة ينشأ عنها شراكات متعددة مع مختلف مكونات المجتمع، فتسعى بذلك لخفض التكلفة من جهة، ولأن تكون وضعية جديدة أفضل من وضعية المدرسة السابقة من جهة أخرى. تطرح الجودة من بين ما تطرحه كذلك مسألة الاستقبالية والتواصل والفعالية في المحيط. وتهدف بهذا وذاك، لأن تغير من الصور والأدوار وأنماط الفعل وصيغ العمل.وسنشير بعجالة إلى أهم هذه التطلعات:
أـ مجال الموارد البشرية:
يثار الجدل حاليا حول إمكانية تعويض مصطلح الموارد البشرية بمصطلح آخر، يكون أكثر ـ احتراماـ لآدمية الإنسان واستقلاليته الفكرية والإنتاجية. فلا يمكن حسب هذا الطرح، أن يكون الإنسان موردا لإنسان آخر!! وبقطع النظر عن جدلية التسميات، فالمطلوب هو توفير تأطير لازم، وكفيل بتحقيق تكوين جيد ومستمر. كما ينبغي التعامل المنهجي مع الخصاص الحاصل في مجموع أسلاك التعليم ببعض المناطق، في الوقت الذي تعرف فيه مناطق أخرى فائضا في عدد الأطر.
ب ـ التكوين الأساس والتكوين المستمر:
يستلزم التسارع الحاصل في مجال المعرفة عموما، أن يكون أطر التربية والتكوين على علم بمختلف المستجدات. وأن يطوروا من أدائهم المعرفي والميداني. ويتم الحديث عن التكوين من خلال مقاربتين أوروبية وأنجلو سكسونية، لإفراز مفاهيم التكوين التكميلي أو التأهيلي.
ـ يعني التكوين" التعليم المخصص لإكساب شخص أو مجموعة، معارف نظرية وعملية ضرورية لمزاولة مهنة أو نشاط."[22]
ـ يحيل مفهوم التكوين المستمر على الاستمرارية والامتداد وليس على التكوين المناسبتي. إنه بمثابة لحظة للتأمل تتوخى إعادة النظر في المفاهيم والتجربة. إنه التكوين المرافق للممارسة من أجل عطاء مستقبلي أفضل. وهو رفض للجمود الفكري والمهني. فهو ترتيب جديد وتصفيف للبنية السابقة. ويمكن أن نموقعه بين لحظتي ماقبل التكوين وبعده. وهذه العملية تحتاج إلى تعامل منهجي وإجرائي وتقويمي، بغية التمكن من الآليات القمينة بتتبع مسار التحسن والتطور.
ج ـ التقويم:
الحديث عن التقويم حديث متشعب ويتميز بتنوع وتقارب المفاهيم المجاورة له. التقويم هو"إجراء يمكن من الحصول على معلومات حول تعلم التلاميذ تساعد على اتخاذ قرارات لترشيد عملية التعليم والتعلم. "[23] . من هذا التعريف نستخلص ثلاث مراحل أساسية للتقويم:
1ـ القياس: ويتم بواسطة روائز، اختبارات، استبيانات...
2ـ قراءة وتحليل المعطيات: بعد جمعها وتنظيمها.
3ـ اتخاذ القرار: ويتم فيه اختيار أنسب البدائل والحلول.
في مجال الكفايات تتيح المؤشرات إمكانية تقويم العملية التربوية من خلال قابليتها للملاحظة والقياس.
د ـ مجال تنفيذ الكفايات:
ينبثق عن المشروع المجتمعي غايات كبرى تحمل قيم المجتمع وتطلعاته. وينتج عن المشروع المجتمعي مشاريع تربوية ( مجال الكفايات الممتدة) ثُم بيداغوجية، ويتمفصل المشروع التربوي إلى برامج تعليمية خاصة بكل مادة دراسية( مجال الكفايات النوعية النهائية). ويتفرع البرنامج بدوره إلى عدة مجزوءات( مجال الكفايات: قدرات معرفية/ مهارية/ وجدانية.) وتنحل كل مجزوءة بدورها إلى عدة مقاطع ( مجال الإنجازات: مؤشرات/ أهداف إجرائية.) ويتطلب هذا الانتقال العمودي بالكفايات، تحديد المصطلحات الضرورية:
ـ المشروع التربوي: يجب تناول مفهوم المشروع التربوي ضمن منظومة القيم والمثل الروحية للمجتمع. والتي تعتبر بمثابة مرجعيات وثوابت أساسية. إنه" خطة تسعى إلى تحقيق أهداف معرفية ومهارية ووجدانية تترجمها حاجات ومشكلات يسعى التلاميذ إلى بلوغها عبر عمليات منظمة. "[24]
ـ المشروع البيداغوجي: ينتقل المشروع التربوي من مجال القيم إلى مجال الفعل المباشر، وهو"كل صيغة تحدد مواصفات التخرج بمصطلحات الكفايات والقدرات التي يلتزم بها شركاء الفعل التربوي على مدى تكوين معين أو دورة دراسية محددة. كما يتضمن المشروع التربوي الوسائل المستعملة وخطوات اكتساب المعرفة المقترحة وأنماط التقويم. "[25]
ـ البرنامج التعليمي والمنهاج: يشكل البرنامج لائحة المحتويات التي يجب تدريسها، وأنماط التعليم والمواد والحصص المراد تبليغها. أما دولاندشير فيرى في المنهاج الدراسي على أنه "مجموعة من الأنشطة المخططة من أجل تــكــويــن المتعلم، إنه يتضمن الأهداف، والأدوات، والاستعدادات المتعلقة بالتكوين الملائم للمدرسين. "[26]
ـ الوحدة أو المجزوءة: هي "وحدة معيارية أو شبه معيارية تدخل في تأليف كل متكامل (منهاج)، قابلة للإدراك والتعديل والتكيف، فهي كفيلة ببناء برنامج دراسي على القياس المطلوب. "[27]
ـ المقطع أو الحلقة: " هي وحدة تكوين صغرى (أو ضمنية) تسمح بتحقق هدف مركب قابل للتحليل إلى مؤشرات أو سلوكات قابلة للملاحظة والقياس تمظهر التحكم في الهدف وتستخدم كمعايير للتقويم. "[28]
هـ ـ التنشيط التربوي:
يعتبر موضوع التنشيط التربوي موضوعا ذا أهمية بالغة في العملية التربوية. ونكتفي بإجمال أهم مقتضياته في اعتباره" مجموعة من التصرفات والإجراءات التربوية، المنهجية والتطبيقية التي يشارك فيها كل من المدرس والتلميذ قصد العمل على تحقيق الأهداف المسطرة لدرس ما أو جزء من درس. وتدخل هذه التقنيات ضمن الطرائق التعليمية التي هي تجسيد للنظريات المختلفة للتعليم والتعلم "[29]
و ـ التكنولوجيات الجديدة:
يرتبط هذا المصطلح الحديث، الذي ظهر قي الميدان التربوي بمجال الإعلام والاتصال. ويشير عموما إلى مختلف الوسائط والمعينات التي تساعد على تبادل ونقل المعلومات، صوتا أو صورة أو هما معا. وتتم من خلال الفيديو والحاسوب والمسلاط والكاميرا وشبكات الأنترنيت، في مجالات متنوعة وتشمل مختلف الأطراف( الإدارة، المدرسين، التلاميذ).
ولقد تمت الإشارة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى استعمال التكنولوجيات الجديدة في الدعامة العاشرة من المجال الثالث المخصص للحديث عن الجودة.
تقديم درس اعتمادا على الكفايات:
تتجه المنهجيات المبنية على الكفايات نحو الاتفاق حول مراحل أساسية نجملها في:
ـ أنشطة الاكتساب: مرحلة معرفية تمد المتعلم بمفاهيم جديدة. وهي تعتمد الملاحظة والاستنتاج والفهم وتهيئ للمرحلة الموالية.
ـ التدريب: تتم تحت إشراف المدرس وتوجيهاته من خلال تمارين هادفة ومحددة.
ـ أنشطة الإنتاج: تتم بتوظيف المكتسبات السابقة في وضعيات. تتوج ما سبق وتشير إلى مدى بلوغ الكفاية المنشودة.

خــــــــــاتــــــــمــــــــة:
أصبح العنصر البشري ثروة للاستثمار، وأصبح الاقتصاد العالمي تحت إملاءات العولمة، يفرض نوعا من الشروط والمواصفات الخاصة بجودة نظام التربية والتكوين. وإذا كانت المقاربة العامة لهذا التوجه الجديد، تتجه نحو المقاربة السوسيو اقتصادية، فإنه تربويا، مطالب بالإجابة عن أسئلة تهم مدى إقبال المتعلمين طوعيا على المدرسة، ومدى الأثر الذي يبقى في نفس رجل التعليم من مهنته. أيقدمها بحب ومتعة، أم بسخط ومشقة. ومن جهة أخرى مطالب بتوضيح مدى فاعلية المتعلم في تعلماته كلها. و مدى قدرة المؤسسة التربوية ونظامها على الاستجابة لمتطلبات المتعلمين والمجتمع من جهة. ومتطلبات السوق العالمية من جهة أخرى.

المقاربة بالكفايات، ليست كما يتصورها البعض صيحة جديدة في عالم التربية. وليست مرادفة للأهداف السلوكية. بل هي توجه نسقي شمولي مترابط، أفرزته التحولات العالمية. إن غاية الكفايات هي تأهيل شخصية المتعلم وجعله في قلب الاهتمام. وتمكينه من مواجهة مختلف الصعوبات والمشكلات التي تعترضه، كي يؤهله تعليمه وتكوينه للمواءمة مع احتياجات سوق العمل.

وحتى يجد هذا التوجه الجديد مغزاه وأبعاده داخل المحيط التربوي والمدرسي المغربي، ارتأينا من خلال موضوعنا هذا، تسليط الضوء على أهم مقتضياته. راجين أن تكون هذه المصوغة التكوينية بداية فقط لمزيد من التوسع والإلمام والدراسة. وإذا كنا كذلك حريصين على الإيجاز والاختصار، فلأننا في هذا المجال نريد إعطاء صورة عامة، وإبراز أهم ملامح تيار الكفايات. وإلى أي حد يمكن أن يخدم أبناء وطننا العزيز غنيهم وفقيرهم، بدويهم وحضريهم، ذكرهم وأنثاهم. وحتى يستفيد الجميع من تعليم جيد في ظروف جيدة وببنية تحتية جيدة، وأطر جيدة، وأوضاع جيدة ومردودية جيدة. فمطلب التعليم أضحى مطلبا عالميا لا مكان فيه للضعيف والمتهاون.
وبرغم الإكراهات المادية والاقتصادية والاجتماعية التي يشتكى منها، فلننظر بأمل للمستقبل ولنعمل على ألا يخجل أبناؤنا وبناتنا من تعليمهم وتكوينهم وتربيتهم يوما ما.
كمال السنوسي
كمال السنوسي
عضو مؤسس
عضو مؤسس

الجنس ذكر
عدد المساهمات 5193
نقاط التميز 14595
السٌّمعَة 38
تاريخ التسجيل 17/03/2009
العمر : 68

الورقة الشخصية
الهواية:
السيرة الذاتية:

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى